تستعد مصر لإجراء انتخابات رئاسية في ديسمبر 2023، وسط أوضاع اقتصادية وسياسية صعبة. وستكون هذه الانتخابات هي الثالثة منذ الانقلاب الذي وقع في عام 2013 والذي أطاح أول رئيس منتخب ديمقراطياً، محمد مرسي، وجلب الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، إلى السلطة. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يترشح السيسي لفترة ثانية وأن يواجه معارضة ضئيلة، حيث فاز في انتخابات 2018 بأكثر من 97٪ من الأصوات. ومع ذلك، ستكون الانتخابات أيضًا فرصة للشعب المصري للتعبير عن آرائه حول حالة الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في البلاد.
اتسم حكم السيسي بالصرامة على المعارضة والرقابة على وسائل الإعلام وانتهاكات حقوق الإنسان. ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، فقد تم اعتقال وتوقيف وإخفاء قسريًا الآلاف من الأشخاص بسبب انتقادهم للحكومة أو المشاركة في احتجاجات غير رسمية. كما قامت السلطات بحظر أو تقييد عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية المعارضة دون القانون والشرعية. علاوة على ذلك، قامت الحكومة بتعديل الدستور في عام 2019 لتمديد فترة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، والسماح للسيسي بالترشح لفترة ثالثة في عام 2029. وقد أثارت هذه التحركات مخاوف بشأن تآكل المؤسسات الديمقراطية وهي التي تراجعت بدورها تبعا للغلاء وعدم استقرار الاقتصاد المصري، وتصاعد أزمة نزاع القوي الحزبية.
من ناحية أخرى، يجادل مؤيدو السيسي بأنه جلب الاستقرار والأمن للبلاد التي واجهت تهديدات من الإرهاب والصراعات الإقليمية. ويعودون إليه الفضل في تنفيذ إصلاحات اقتصادية، مثل خفض قيمة العملة، وخفض الدعم، وجذب الاستثمار الأجنبي، مما أدى إلى تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية وزيادة معدل النمو. علاوة على ذلك، يزعمون أن السيسي قد بدأ عددًا من المشاريع الضخمة، مثل توسيع قناة السويس، وإنشاء عاصمة إدارية جديدة، وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، والتي عززت البنية التحتية ورفع مستوى معيشة الشعب.
ستكون الانتخابات المقبلة اختبارًا لشرعية نظام السيسي، وكذلك لتطلعات واحتياجات الشعب المصري. ستشرف الهيئة الوطنية للانتخابات على الانتخابات، وتتكون من عشرة قضاة من مختلف الهيئات القضائية. وقد أعلنت الهيئة الجدول الزمني وإجراءات إجراء الانتخابات، ودعت المرشحين لتقديم ترشيحاتهم. سيحتاج المرشحون إلى الحصول على تأييد 20 عضوًا على الأقل من البرلمان، أو 25 ألف مواطن من 15 محافظة على الأقل، أو ترشيح حزب سياسي له مقعد واحد على الأقل في البرلمان. كما صرحت الهيئة بأنها ستضمن الشفافية والنزاهة في الانتخابات، وأنها ستسهل مشاركة الناخبين، خاصة أولئك الذين يعيشون في الخارج.
ومع ذلك، ستواجه الانتخابات أيضًا العديد من التحديات والشكوك، مثل تأثير جائحة COVID-19 وفيروس جديد غير معلوم اللقاح، وانخفاض مستوى الوعي السياسي والمشاركة بين الشعبيين، وعدم وجود معارضة حقيقية ومتنوعة، واحتمال وقوع أعمال عنف وتزوير من الشعبيين. كما ستتأثر الانتخابات بالديناميكيات الإقليمية والدولية، مثل العلاقات مع إثيوبيا بشأن نزاع سد النهضة، ودور تركيا وقطر في دعم جماعة الإخوان المسلمين، والتحالف مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في أزمة الخليج، وتوقعات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن حالة حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي في مصر من حكم عسكري الي نظام جمهوري.
ستكون الانتخابات الرئاسية في مصر لحظة حاسمة لمستقبل الديمقراطية في العالم العربي، الذي شهد موجة من الانتفاضات الشعبية والحروب الأهلية والتدخلات الأجنبية منذ عام 2011. وستعكس الانتخابات آمال واحباطات الشعب المصري، الذي عانى لعقود من الحكم الاستبدادي منذ عهد محمد علي، والظلم الاجتماعي من عهد الاتراك، والصعوبات الاقتصادية منذ عهد جمال عبد الناصر. كما ستكشف الانتخابات عن نقاط القوة والضعف في الدولة المصرية، التي كافحت لتحقيق التوازن بين مطالب المواطنين والدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق